فصل: قال ابن عطية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأما تقرير ووجه الجواب فاعلم أنه إنما يظهر إذا قلنا: القرآن إنما كان معجزًا لما فيه من الفصاحة العائدة إلى اللفظ وكأنه قيل: هب أنه يتعلم المعاني من ذلك الأعجمي إلا أن القرآن إنما كان معجزًا لما في ألفاظه من الفصاحة فبتقدير أن تكونوا صادقين في أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يتعلم تلك المعاني من ذلك الرجل إلا أنه لا يقدح ذلك في المقصود إذ القرآن إنما كان معجزًا لفصاحته وما ذكرتموه لا يقدح في ذلك المقصود، ولما ذكر الله تعالى هذا الجواب أردفه بالتهديد والوعيد، فقال: {إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بآيات الله لاَ يَهْدِيهِمُ الله} أما تفسير أصحابنا لهذه الآية فظاهر، وقال القاضي: أقوى ما قيل في ذلك إنه لا يهديهم إلى طريق الجنة، ولذلك قال بعده: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} والمراد أنهم لما تركوا الإيمان بالله لا يهديهم الله إلى الجنة بل يسوقهم إلى النار، ثم إنه تعالى بين كونهم كذابين في ذلك القول فقال: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الكذب الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بآيات الله وأولئك هُمُ الكاذبون} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
المقصود منه أنه تعالى بين في الآية السابقة أن الذي قالوه بتقدير أن يصح لم يقدح في المقصود، ثم إنه تعالى في هذه الآية أن الذي قالوه لم يصح وهم كذبوا فيه، والدليل على كونهم كاذبين في ذلك القول وجوه: الأول: أنهم لا يؤمنون بآيات الله وهم كافرون، ومتى كان الأمر كذلك كانوا أعداء للرسول صلى الله عليه وسلم وكلام العدا ضرب من الهذيان ولا شهادة لمتهم.
والثاني: أن أمر التعلم لا يتأتى في جلسة واحدة ولا يتم في الخفية، بل التعلم إنما يتم إذا اختلف المعلم إلى المتعلم أزمنة متطاولة ومددًا متباعدة، ولو كان الأمر كذلك لاشتهر فيما بين الخلق أن محمدًا عليه السلام يتعلم العلوم من فلان وفلان.
الثالث: أن العلوم الموجودة في القرآن كثيرة وتعلمها لا يتأتى إلا إذا كان المعلم في غاية الفضل والتحقيق، فلو حصل فيهم إنسان بلغ في التعليم والتحقيق إلى هذا الحد لكان مشارًا إليه بالأصابع في التحقيق والتدقيق في الدنيا، فكيف يمكن تحصيل هذه العلوم العالية والمباحث النفيسة من عند فلان وفلان؟
واعلم أن الطعن في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمثال هذه الكلمات الركيكة يدل على أن الحجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة باهرة، فإن الخصوم كانوا عاجزين عن الطعن فيها، ولأجل غاية عجزهم عدلوا إلى هذه الكلمات الركيكية.
المسألة الثانية:
في هذه الآية دلالة قوية على أن الكذب من أكبر الكبائر وأفحش الفواحش والدليل عليه أن كلمة {إنما} للحصر، والمعنى: أن الكذب والفرية لا يقدم عليهما إلا من كان غير مؤمن بآيات الله تعالى، وإلا من كان كافرًا وهذا تهديد في النهاية.
فإن قيل: قوله: {لاَ يُؤْمِنُونَ بآيات الله} فعل وقوله: {وأولئك هُمُ الكاذبون} اسم وعطف الجملة الإسمية على الجملة الفعلية قبيح فما السبب في حصوله ههنا؟
قلنا: الفعل قد يكون لازمًا وقد يكون مفارقًا، والدليل عليه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيات لَيَسْجُنُنَّهُ حتى حِينٍ} [يوسف: 35]. ذكره بلفظ الفعل، تنبيهًا على أن ذلك السجن لا يدوم.
وقال فرعون لموسى عليه السلام: {لَئِنِ اتخذت إلها غَيْرِى لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين} [الشعراء: 29]. ذكره بصيغة الاسم تنبيهًا على الدوام، وقال أصحابنا: إنه تعالى قال: {وعصى ءَادَمَ رَبَّهُ فغوى} [طه: 121]، ولا يجوز أن يقال إن آدم عاصٍ وغاوٍ، لأن صيغة الفعل لا تفيد الدوام، وصيغة الاسم تفيده.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: قوله: {إِنَّمَا يَفْتَرِى الكذب الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بآيات الله} ذكر ذلك تنبيهًا على أن من أقدم على الكذب فكأنه دخل في الكفر، ثم قال: {وأولئك هُمُ الكاذبون} تنبيهًا على أن صفة الكذب فيهم ثابتة راسخة دائمة.
وهذا كما تقول: كذبت وأنت كاذب فيكون قولك وأنت كاذب زيادة في الوصف بالكذب.
ومعناه: أن عادتك أن تكون كاذبًا.
المسألة الثانية:
ظاهر الآية يدل على أن الكاذب المفتري الذي لا يؤمن بآيات الله والأمر كذلك، لأنه لا معنى للكفر إلا إنكار الإلهية ونبوة الأنبياء، وهذا الإنكار مشتمل على الكذب والافتراء.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: هل يكذب المؤمن؟ قال: {لا} ثم قرأ هذه الآية، والله أعلم. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمُه بشرٌ}.
اختلف في اسم من أراده المشركون فيما ذكروه من تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أربعة أقاويل:
أحدها: أنه بلعام وكان قينًا بمكة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليه يعلمه، فاتهمته قريش أنه كان يتعلم منه، قاله مجاهد.
الثاني: أنه كان عبدًا أعجميًا لامرأة بمكة، يقال له أبو فكيهة، كان يغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقرأ عليه ويتعلم منه، فقالوا لمولاته احبسيه فحبستْه، وقالت له: اكنس البيت وكل كناسته، ففعل وقال: والله ما أكلت أطيب منه ولا أحلى، وكان يسأل مولاته بعد ذلك أن تحبسه فلا تفعل.
الثالث: أنهما غلامان لبني الحضرمي، وكانا من أهل عين التمر صيقلين يعملان السيوف اسم أحدها يسار، والآخر جبر، وكانا يقرآن التوراة، وكان رسول الله ربما جلس إليهما، قاله حصين بن عبد الله بن مسلم.
الرابع: أنه سلمان الفارسي، قاله الضحاك.
{لسان الذي يلحدون إليه أعجمي} في يلحدون تأويلان: أحدهما: يميلون إليه.
الثاني: يعترضون به، يعني أن لسان من نسبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التعلم منه أعجمي.
{وهذا لسانٌ عربيٌ مبين} يعني باللسان القرآن لأنه يقرأ باللسان، والعرب تقول: هذا لسان فلان، تريد كلامه، قال الشاعر:
لسان السوء تهديها إلينا ** وخُنْتَ وما حسبتُك أن تخونا

اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله: {ولقد نعلم أنهم يقولون}.
قال ابن عباس: كان في مكة غلام أعجمي لبعض قريش يقال له بلعام، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه ويعلمه الإسلام ويرومه عليه فقالت قريش: هذا يعلم محمدًا من جهة الأعاجم، فنزلت الآية بسببه، وقال عكرمة وسفيان: كان اسم الغلام يعيش، وقال عبد الله بن مسلم الحضرمي: كان بمكة غلامان أحدهما اسمه جبر والآخر يسار، وكانا يقرآن بالرومية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس إليهما، فقالت قريش ذلك، ونزلت الآية، وقال ابن إسحاق: الإشارة إلى جبر، وقال الضحاك: الإشارة إلى سلمان الفارسي.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، لأن سلمان إنما أسلم بعد الهجرة بمدة وقرأت فرقة {لسان الذي}، وقرأ الحسن البصري {اللسان الذي} بالتعريف وبغير تنوين في رأي بشر، وقرأ نافع وابن كثير: {يُلحدون} بضم الياء من ألحدَ إذا مال، وهي قراءة أبي عمرو وعاصم وابن عامر وأبي جعفر بن القعقاع، وقرأ حمزة والكسائي: {يَلحدون} بفتح الياء من لحد، وهي قراءة عبد الله وطلحة وأبي عبد الرحمن والأعمش ومجاهد، وهما بمعنى، ومنه قول الشاعر: الرمل:
قدني من نصر الخبيبين قدي ** ليس أمري بالشحيح الماحد

يريد المائل عن الجود وحال الرياسة، وقوله: {أعجمي} إضافة إلى أعجم لا إلى العجم لأنه كان يقول عجمي، والأعجمي هو الذي لا يتكلم بالعربية، وأما العجمي فقد يتكلم بالعربية ونسبته قائمة، وقوله: {وهذا} إشارة إلى القرآن والتقدير، وهذا سرد لسان، أو نطق لسان، فهو على حذف مضاف، وهذا على أن يجعل اللسان هنا الجارحة، واللسان في كلام العرب اللغة، ويحتمل أن يراد في هذه الآية، واللسان الخبر ومنه قول الأعشى: إني أتتني لسان غير كاذبة.
ومنه قول الآخر: الوافر:
لسان السوء يهديها إلينا ** وجيت وما حسبتك أن تجينا

وحكى الطبري عن سعيد بن المسيب أن الذي ذكر الله: {إنما يعلمه بشر}، {إنما} هي إشارة إلى كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم في أواخر الآيات: {والله سميع عليم}، أو {عزيز حكيم}، أو نحو هذا، ثم يشتغل بسماع الوحي، فيبدل هو بغفور رحيم أو نحوه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الآيات: هو كما كتبت، ففتن، وقال أنا أعلم محمدًا، وارتد ولحق بمكة، ونزلت الآية فيه. قال القاضي أبو محمد: هذا نصراني أسلم وكتب، ثم ارتد ولحق بمكة ومات، ثم لفظته الأرض، وإلا فهذا القول يضعف لأن الكاتب المشهور الذي ارتد لهذا السبب ولغيره من نحوه هو عبد الله بن أبي سرح العامري، ولسانه ليس بأعجمي فتأمله.
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)}.
المفهوم من الوجود أن الذين لا يهديهم الله لا يؤمنون بآياته، ولكنه قدم في هذا الترتيب وأخر، تهممًا بتقبيح فعلهم والتشنيع لخطابهم، وذلك كقوله تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5]، والمراد ما ذكرناه فكأنه قال إن الذين لم يؤمنوا لم يهدهم الله، وقوله: {إنما يفتري الكذب} بمعنى يكذب، وهذه مقاومة للذين قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: إنما أنت مفتر، و{إنما} أبدًا حاصرة، لكن حصرها يختلف باختلاف المعاني التي تقع فيها، فقد يربط المعنى أن يكون حصرها حقيقيًا كقوله تعالى: {إنما الله إله واحد} [النساء: 171]، وقد يقتضي المعنى أن يكون حصرها تجوزًا ومبالغة، كقولك: إنما الشجاع عنترة، وهكذا هي في هذه الآية، قال الزجاج: يفتري هذا الصنف لأنهم إذا رأوا الآيات التي لا يقدر عليها إلا الله، كذبوا بها، فهذا أفحش الكذب، وكرر المعنى في قوله: {وأولئك هم الكاذبون} لفائدة إيقاع الصفة بالكذب عليهم إذ الصفة بالشيء أبلغ من الخبر به، لأن الصفة تقتضي الدوام أكثر مما يقتضيه الخبر فبدأ في هذه الآية بالخبر، ثم أكد بالصفة، وقد اعترض هذا النظر مكي، وليس اعتراضه بالقوي. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}.
اختلف في اسم هذا الذي قالوا إنما يعلّمه؛ فقيل: هو غلام الفاكه بن المغيرة واسمه جبر، كان نصرانيًا فأسلم؛ وكانوا إذا سمعوا من النبيّ صلى الله عليه وسلم ما مضى وما هو آت مع أنه أمِّيٌّ لم يقرأ قالوا: إنما يعلمه جبر وهو أعجمي؛ فقال الله تعالى: {لِّسَانُ الذي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} أي كيف يعلّمه جبر وهو أعجمي هذا الكلام الذي لا يستطيع الإنس والجن أن يعارضوا منه سورة واحدة فما فوقها.
وذكر النقاش أن مولى جبر كان يضربه ويقول له: أنت تعلّم محمدًا، فيقول: لا والله، بل هو يعلمني ويهديني.
وقال ابن إسحاق: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم فيما بلغني كثيرًا ما يجلس عند المَرْوَة إلى غلام نصراني يقال له جبر، عبدُ بني الحضرمي، وكان يقرأ الكتب، فقال المشركون: والله ما يعلم محمدًا ما يأتي به إلا جبر النصراني.
وقال عكرمة: اسمه يعيش عبدٌ لبني الحضرمي، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلّقنه القرآن؛ ذكره الماورديّ.
وذكر الثعلبيّ عن عكرمة وقتادة أنه غلام لبني المغيرة اسمه يعيش، وكان يقرأ الكتب الأعجمية، فقالت قريش: إنما يعلّمه بشر، فنزلت.
المهدويّ عن عكرمة: هو غلام لبني عامر بن لؤي، واسمه يعيش.
وقال عبد الله بن مسلم الحضرميّ: كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار واسم الآخر جبر.
كذا ذكر الماورديّ والقشيريّ والثعلبي؛ إلا أن الثعلبيّ قال: يقال لأحدهما نَبْت ويكنى أبا فُكَيْهة، والآخر جبر، وكانا صَيْقَلَين يعملان السيوف؛ وكانا يقرأان كتابًا لهم.
الثعلبي: يقرأان التوراة والإنجيل.
الماورديّ والمهدويّ: التوراة.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرّ بهما ويسمع قراءتهما، وكان المشركون يقولون: يتعلّم منهما، فأنزل الله هذه الآية وأكذبهم.
وقيل: عنَوْا سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ قاله الضحاك.
وقيل: نصرانيا بمكة اسمه بلعام، وكان غلامًا يقرأ التوراة؛ قاله ابن عباس.
وكان المشركون يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يدخل عليه ويخرج من عنده، فقالوا: إنما يعلمه بلعام.
وقال القُتَبِيّ: كان بمكة رجل نصراني يقال له أبو ميسرة يتكلم بالرومية، فربما قعد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الكفار: إنما يتعلّم محمد منه، فنزلت.
وفي رواية أنه عدّاس غلام عتبة بن ربيعة.
وقيل: عابس غلام حويطب بن عبد العُزَّى ويسار أبو فكيهة مولى ابن الحضرمي، وكانا قد أسلما.
والله أعلم.
قلت: والكل محتمل؛ فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم ربما جلس إليهم في أوقات مختلفة ليعلمهم مما علمه الله، وكان ذلك بمكة.
وقال النحاس: وهذه الأقوال ليست بمتناقضة؛ لأنه يجوز أن يكونوا أَوْمَأوا إلى هؤلاء جميعًا، وزعموا أنهم يعلمونه.
قلت: وأما ما ذكره الضحاك من أنه سلمان ففيه بُعْدٌ، لأن سلمان إنما أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهذه الآية مكية.
{لِّسَانُ الذي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} الإلحاد: الميل؛ يقال: لحد وألحد، أي مال عن القصد.
وقد تقدّم في الأعراف.
وقرأ حمزة: {يَلْحَدون} بفتح الياء والحاء؛ أي لسان الذي يميلون إليه ويشيرون أعجميّ.
والعُجْمة: الإخفاء وضدّ البيان.
ورجل أعجم وامرأة عجماء، أي لا يُفصح؛ ومنه عُجْم الذنب لاستتاره.
والعجماء: البهيمة؛ لأنها لا توضح عن نفسها.
وأعجمت الكتاب أي أزلت عجمته.
والعرب تسمي كل من لا يعرف لغتهم ولا يتكلم بكلامهم أعجميًا.
وقال الفَرّاء: الأعجم الذي في لسانه عجمة وإن كان من العرب، والأعجمي أو العجمي الذي أصله من العجم.
وقال أبو علي: الأعجمي الذي لا يفصح، سواء كان من العرب أو من العجم، وكذلك الأعجم والأعجمي المنسوب إلى العجم وإن كان فصيحًا.
وأراد باللسان القرآن؛ لأن العرب تقول للقصيدة والبيت: لسان؛ قال الشاعر:
لسانُ الشر تهديها إلينا ** وخُنت وما حسبتك أن تخونا

يعني باللسان القصيدة.
{وهذا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} أي أفصح ما يكون من العربية.
قوله تعالى: {إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ الله} أي هؤلاء المشركون الذين لا يؤمنون بالقرآن.
{لاَ يَهْدِيهِمُ الله وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
قوله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الكذب الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ الله} هذا جواب وصفهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بالافتراء.
{وأولئك هُمُ الكاذبون} هذا مبالغة في وصفهم بالكذب؛ أي كل كذب قليل بالنسبة إلى كذبهم.
ويقال: كذب فلان ولا يقال إنه كاذب؛ لأنّ الفعل قد يكون لازمًا وقد لا يكون لازمًا.
فأما النعت فيكون لازمًا ولهذا يقال: عصى آدمُ ربَّه فغَوَى، ولا يقال: إنه عاصٍ غاوٍ.
فإذا قيل: كذب فلان فهو كاذب، كان مبالغة في الوصف بالكذب؛ قاله القشيري. اهـ.